احتفلت سفارة الجمهورية اليمنية في جمهورية الصين الشعبية، اليوم الخميس الموافق 25 مايو 2023م، بالذكرى الثالثة والثلاثون للعيد الوطني 22 مايو، بحضور عدد من سفراء الدول العربية الشقيقة المعتمدين لدى بكين وأعضاء الطاقم الدبلوماسي والاداري للبعثة.
وفي الاحتفالية التي بدأت بعزف النشيد الوطني، ألقى سعادة الدكتور محمد عبدالواحد الميتمي سفير بلادنا لدى الصين كلمة، فيما يلي نصها:
سعادة السفير عميد السلك الدبلوماسي العربي
سعادة الأخت السفيرة، سعادة الأخوة السفراء
الأخوة أعضاء البعثة الدبلوماسية اليمنية في بكين
الحاضرون جميعا …. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،،
في البداية دعوني أرحب ترحيبا عاليا بأشقائي سعادة السفراء العرب على حضورهم الكريم لمشاركة الشعب اليمني احتفالاته بالذكرى ال 33 لقيام الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م. إن مشاركة أشقائنا السفراء العرب شعبهم الشقيق في اليمن بفرحتهم وبهجتهم بهذه الذكرى الجليلة تكتسب رمزية عالية في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها اليمن. فهي بذلك إنما تؤكد لليمن وشعبه أن معه أشقاء أوفياء في السراء والضراء.
لقد كان الزعماء العرب، ملوكاً ورؤساء وأمراء وشيوخا في مقدم المهنئين للشعب اليمني وقيادته السياسية الشرعية برئاسة الدكتور رشاد العليمي – رئيس مجلس القيادة الرئاسي بذكرى هذا الحدث التاريخي العظيم. كما بعث الزعيم الصيني شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية الصديقة برقية تهنئة بهذه المناسبة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي مؤكدا موقف الصين الثابت والداعم لوحدة اليمن واستقراره وأمنه وسلامة أراضيه.
يقول المؤرخون أن أسرار التأريخ تكمن في اليمن، وأسرار اليمن تكمن في اسمه وتأريخه، وسر تأريخه وعظمته تكمن في وحدته. وحرف الواو هو الحرف السامي البليغ المعنى والمشرق في كل هذه الأسرار. قال تعالي “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا” صدق الله العظيم.
سعادة السفراء الكرام ، الحاضرون جميعا:
جاء القرن الواحد والعشرون متشبّهاً بالقرن التاسع الميلادي مفعم بالصراعات الدينية والنزاعات السياسية والصراعات الدموية على السلطة والثروة. يغذي ذلك كله إستراتيجيات الاستعمار الجديد تحت مبدأ فرّق- تسد، وبمنهجيات وعناوين جديدة اسمها الفوضى الخلاقة، وتكتيكات النخب الطفيلية لبلوغ سدة الحكم بأي ثمن كان، ولو كان ذلك الثمن تمزيق الأوطان. وما أن تبلغه حتى تتحول غولاً تفترس الأوطان وروح الشعوب وامالها وتطلعاتها في العيش الكريم والحرية والوحدة والعدل والمساواة.
تعلمون جميعا أن اليمن اليوم يقاسي الأهوال. أهوال الاقتتال والجوع والجهل والمرض وآلام الخوف والتشتت والضياع التي أورثتها تلكم النخب الطفيلية. وقد وصف شاعر اليمن الكبير الأستاذ محمد محمود الزبير الحال بقوله
جهل وأمراض وظلم فادح ومخافة ومجاعة وإمام
والناس بين مكبل في رجله قيد وفي فمه البليغ لجام
هناك محاولات يائسة لحرف مسار التأريخ اليمني وارجاع عقارب الساعة إلى الوراء. هيهات لهذه المحاولات البائسة واليائسة في تمزيق اليمن أرضا وإنسانا أن تنجح. سيعم السلام الشامل والعادل كل اليمن ويعود اليمن أرض العربية السعيدة
لقد جاءت الثورات اليمنية الخالدة: ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 ضد الحكم الإمامي الكهنوتي البغيض وثورة ال14 من أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني العنصري اللعين لتحرر اليمنيين من ظلم الامامة وطغيان الاستعمار. هب اليمنيون هبة رجل واحد من شمال اليمن إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه دفاعاً عن الثورتين الخالدتين. تخضبت جبال اليمن وسهولها ووديانها بدماء الشهداء من أبناء عدن وصنعاء، حضرموت وتعز، والحديدة والمهره، ابين وإب، يافع وعمران، الضالع وصعدة، لحج وذمار، شبوة ومأرب، ومن مختلف أرجاء اليمن دفاعا عن الحلم اليمن الواحد في الحرية والوحدة والكرامة والاستقلال. لتتكلل نضالاتهم وتضحياتهم تلك بتحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990.
لم تكن هذه الوحدة العظيمة التي هللت لها وباركتها الشعوب العربية مجرد نزوة عابرة لفرد أو جماعة سياسية، بل مشروعا وطنيا جامعا صوت له اليمنيون في كل أرجاء اليمن باستفتاء شعبي منقطع النظير. تحققت به آمال ونداءات وطموحات اليمنيين في جنوب البلاد وشمالها، شرقها وغربها. وليس فعل سياسي عابر في مسيرة كفاح ونضال الشعب اليمني، بل هي خيار وارادة الأمة اليمنية التي قدمت من أجلها التضحيات الجسام. كانت وما زالت أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر واحدة، وعلى رأسها الوحدة اليمنية. هذا الهدف السامي دونته دساتير الدولتين الشطريتين، ورسخته دولة الوحدة. كان التلاميذ في عموم المدارس في الشطر الجنوبي من الوطن يرددون كل صباح عند تحية العلم ” تحيا جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، لنناضل من أجل الثورة اليمنية، وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية”. وكذلك كان يفعل زملائهم التلاميذ في الشطر الشمالي من اليمن يرددون هذه النشيد كل صباح.
نشأ جيل كامل وعلى امتداد أكثر من ستة عقود من الزمن يرددون: عشت إيماني وحبي أمميا، ومسيري فوق دربي عربيا وسيبقى نبض قلبي يمنيا ، لن ترى الدنيا على أرضي وصيا. كانت حناجرهم ومازالت تهتف بحب اليمن الواحد الذي لا يقبل التقسيم. إن اتحاد شطري اليمن في دولة واحدة هو أشبه باتحاد محيطين ليكوٍّنا محيط واحد أسمه الجمهورية اليمنية له نفس عنصر الماء عذوبة ولونا وبريقا يرتوي منه اليمنيون أينما حلوا ورحلوا. لا يمكن شطر الماء إلا بتكسير جزيئاته وذراته الأصيلة المكونة له، وذلك بتمرير تيار كهربائي خارجي يفصل ذرات الاوكسجين عن ذرات الهيدروجين، فيستحيل بعده الماء عدماً. ومثلما الماء هو أساس الوجود الإنساني، فالوحدة اليمنية هي أساس وجود اليمنيين ومصيرهم.
هناك قول مأثور لونستن تشرشل يقول فيه: نحن نهندس أبنيتنا ومن ثم أبنيتنا تهندسنا نحن. وقد هندس اليمانيون في العصر الحديث ثلاثة أحداث عظيمة وجليلة: وهي ثورة ال 26 والعشرين من سبتمبر وثورة الرابع عشر من أكتوبر والوحدة اليمنية المباركة التي وحدت اليمن ارضا وإنسانا في 22 مايو 1990. وبالمقابل هندست هذه الاحداث العظام اليمنيين على النحو الذي يجعلهم قادرون على إسقاط كل المؤامرات وتجاوز كل التحديات والصعوبات ويتفرغوا لبناء الدولة اليمنية الاتحادية الديموقراطية المدنية الحديثة ليستظل تحت سقفها كل اليمنيين ويعيشون بسلام، وامان ورخاء وازدهار.
تحيا الجمهورية اليمنية ، عاشت الوحدة اليمنية.

